مدونة حديقة الأعصاب/ الصحة النفسية
هل يحتاج الأطفال الحب ؟
📅 June 2023 / 🖋 Haneen Abu-Yahia
أجرت لورا موتشا من منظمة اليونيسف سلسلة مقابلات مع مختصين وخبراء في الطفولة المبكرة والصحة النفسية والعقلية، تحدثوا خلالها عن أثر الظروف الصعبة وجائحة كوفيد 19 على الأطفال، وأهمية العلاقات الآمنة والمحبة في الطفولة وفعاليتها في النمو السليم، وأفضل الطرق والوسائل لتحسين الصحة النفسية للطفل. وقد نال الحديث عن قوة الحب وأثره على نمو الطفل تركيزًا واهتمامًا كبيرًا خلال المقابلات. لذا حملت السلسلة عنوانًا رئيسيًا، هو : لماذا يعد الحب مهمًا في الطفولة ؟¹
يوجّه أخصائيو الطفولة الآباء والمربين للتفكير أكثر بأهمية الحب للطفل، ومحاربة المعتقدات القديمة عنه، والحرص على ملاحظة أنفسهم حول كيفية ووقت تعبيرهم للطفل عن حبهم وإيمانهم بقدراته. وبرأيهم فإن المسؤولية الحقيقية للمربي تكمن في الموازنة في الاهتمام بين الجوانب النفسية، والصحية، والتعليمية والمادية للطفل.
نتائج دراسات علمية تؤكد حاجة الأطفال للحب والاحترام والقبول من والديهم:
1) ينمو الأطفال الذين تعبّر أمهاتهم عن حبها وقبولها لهم ليصبحوا أطفالًا سعداء، ومتكيفين جيدًا مع التحديات في المراهقة والرشد. تابعت دراسة بحثية ما يقارب 500 رضيع حتى الثلاثينيات من عمرهم، فوجدت أن الأطفال الذين يتلقون مستويات عالية من المودة والاهتمام من أمهاتهم هم أقل عرضة من الأطفال الآخرين للإصابة باضطرابات نفسية. وفقا لنتائج الدراسة، فإن إعطاء الأولوية لإظهار الحب للطفل بشكل واضح ومنتظم في التربية يلبي احتياجات الطفل الأساسية لشعوره بالسلامة والأمان، ويرفع ثقته بنفسه وبالآخرين، ويقلل من توتره، ويعزز تواصله الفعّال مع الآخرين، ويدعم نموّه العاطفي ويزيد من تفاعلاته الاجتماعية الإيجابية.²
2) حب المربي للطفل يساعده ليصبح فردًا أكثر ذكاءً. أجرى باحثون في دراسة عام 2012 مسحًا لدماغ 92 طفلًا، وكشفوا أن الأطفال الذين رعتهم أمهاتهم بالحب والتعاطف لديهم حُصين أكبر بنسبة 10% تقريبًا من بقية الأطفال، وهو جزء من الدماغ مهم للتعلم والذاكرة والاستجابة للتوتر.³
3) الإيمان بقدرة الطفل يرفع من تحصيله الأكاديمي. فالآباء والمعلمون يحاول جهدهم لمساعدة الطفل على النجاح والتعلم والعمل بجد على واجباته ومهماته المدرسية.
اهتم مجموعة من الباحثين بدراسة أثر اعتقاد المربي بنجاح الطفل على مستواه الأكاديمي، وفعالية تشجيع الطفل ودعمه خلال تعلمه، تابعوا عينة الدراسة لسنوات، فحصل الأطفال الذين يؤمن آباؤهم باستمرار بقدراتهم على درجات أعلى بكثير من أقرانهم الأقل دعمًا، وأكدت توصيات الدراسة ضرورة إيمان الآباء والمربين بأن حبهم يُحدث فرقًا حقيقيًا في نمو الطفل.
إظهار الحب للطفل وتقبله يعزز شعوره بالأمان ويزيد ثقته بنفسه وبالآخرين
ويقلل من نسبة إصابته بمشاعر التوتر والقلق
طرق عملية لإظهار الحب للطفل :
لا يمكن للطفل أن يشعر بالحب إذا أخبره والداه بذلك قبل النوم فقط، بل يعيشه ويؤمن به من خلال نمط تعاملهم اليومي معه. فيما يلي طرق عملية تساعدك في التعبير عن حبك لطفلك :
1 بكل بساطة قل للطفل أنك تحبه بعبارات بسيطة وعفوية، " أنا أحبك، أحب شجاعتك،أنا سعيدة لأني معلمتك/ أُمك، مهما حدث أنا أحبك ويهمني أمرك".
2 قضاء وقت نوعي مع الطفل. ففي السنوات الأخيرة بدأ أخصائيو الطفولة بتقديم النصح للمربين لتخصيص وقت من اليوم أو الأسبوع للعب مع الطفل، وزيارة مكان يحبه، أو حتى الجلوس معه في البيت ومشاهدة برنامج مسلٍ، فالمهم هو التواصل الفعلي مع الطفل.
3 ادعم الطفل حتى عندما يخطىء، لأنه يتعلم من رد فعلك على أخطائه وسلوكياته. يجب أن تتقبل بأن الطفل لن يكون دائما مثاليًا ويتصرف بإيجابية واحترام. دورك أن تساعده في تقبل أخطائه وإصلاحها.
4 ساعد الطفل في بناء مهارة سيشكرك عليها في المستقبل، مهارة تدعمه في الأوقات الصعبة، وتعزز تطور دماغه في المراحل الأكاديمية اللاحقة، مثل القراءة، والرسم، والبرمجة، والتأمل، وركوب الخيل وغيرها.
5 ثق به، يحتاج الطفل أن يشعر بأنك تثق في قدراته على حل المشكلات وإنجاز المهمات دون التوجيه المستمر منك أو التشكيك في قدراته.
6 استمع للطفل وقدّر أفكاره، اسأله دائما عن رأيه في أمور العائلة والمدرسة، وكن حريصًا في أخذها على محمل الجد .
الغرض من التركيز على تقديم الحب والتقبل للطفل هو أن تتواصل بشكل أعمق معه، وتعزز حب الذات والثقة فيه مدى الحياة. تذكر دائما حتى لو كنت مشغولًا في مسؤوليات كثيرة وبالغ القلق والتفكير في كفاءة ما تقدمه للطفل، أن المهم هو تقديم الحب والدعم الدائم له.
Share On: