مدونة الطفولة المبكرة
ماذا تخبرك النظرية النفسية الاجتماعية عن نمو الطفل ؟
📅 Jan 2024 / 🖋 Haneen Abu-Yahia
تُنسَب النظرية النفسية الاجتماعية لإريك إريكسون، وهو عالم نفس له إسهامات عديدة في التحليل النفسي، وعلم النفس، والطفولة المبكرة. اتّبع اريكسون في نظريته منهج فرويد في نظرية التحليل النفسي، متفقًا معه على الأهمية السيكولوجية لمرحلة الطفولة. وقدم في نظريته نظرة عن العالم الداخلي للفرد من أفكار ومشاعر ورغبات، وأثر تفاعلها المستمر مع البيئة الاجتماعية على الحياة، واهتم بأثر الصراعات والعقبات في الطفولة على المراحل اللاحقة.
بحسب النظرية يمر الفرد في 8 مراحل خلال حياته [الثقة مقابل عدم الثقة، الاستقلالية مقابل الشعور بالخجل، المبادرة مقابل الشعور بالذنب، الكفاية مقابل الشعور بالنقص، الهوية مقابل اضطراب الدور، المودة والألفة مقابل العزلة، الإنتاجية مقابل الركود، تكامل الذات مقابل اليأس]، تمتد كل مرحلة لفترة زمنية معينة، تتضمن أزمات نفسية يسعى فيها الفرد للوصول للتوازن في المجتمع، واكتساب مهارات و توجهات تساعده على الاستمرار، وتحقيق أهدافه وطموحاته ورغباته. تناولت النظرية الحديث عن الفرد منذ الطفولة وحتى الشيخوخة، ولكنها ركزت على أهمية الطفولة المبكرة كأساس للنمو. فيما يلي أهم النقاط الرئيسية المرتبطة بنمو الطفل والطفولة المبكرة من وجهة نظر النظرية النفسية الاجتماعية:
أولاً :
تخضع المراحل التي يمر بها الفرد إلى مبدأ التخلق المتعاقب، وهو ما يشير لوجود خطة بيولوجية للنمو محددة مسبقًا، وأن المراحل تظهر بشكل منظم نتيجة لتفاعل العوامل البيولوجية داخل الفرد، والعوامل الاجتماعية المحيطة به. وبالتالي تفترض النظرية أن المراحل التي يمر بها الفرد من الطفولة للشيخوخة مراحل متكاملة، ومترابطة تؤثر ببعضها البعض، وغير منفصلة. وأن شخصية الطفل ليست نتاج مرحلة بعينها، بل هي نتاج تفاعل المراحل مع بعضها البعض، وتأثيرها على الطفل.
ثانيًا :
في كل مرحلة يمر الفرد بأزمة طبيعية يسميها إريكسون أزمة اجتماعية نفسية، وهي عبارة عن توتر بين كفاءات الطفل و توقعات المجتمع عن سلوكه. يحاول الطفل أن يتكيف مع متطلبات الأسرة والبيئة وكلما واجهته عقبة يسعى لتجاوزها، وتنتهي الأزمة بحل موجب أو سلبي يؤثر عليه. الحل الموجب هو تعلم الطفل مجموعة من القدرات والمهارات التي ستساعده في المراحل اللاحقة ،وتُكسِبه روح الأمل والتفاؤل و العزيمة، في المقابل يؤدي الحل السلبي لتعلم الطفل مفاهيم سلبية تعيقه، وتؤثر سلبًا على حياته وأفكاره، مثل الاندفاع، والانسحاب، وعدم القدرة على التكيف، والتواصل مع الآخرين.
الميل للافراط في مساعدة وحماية الطفل، أو إهماله وعدم الاهتمام به وباحتياجاته والسخرية منه، يرتبط بنتائج سلبية عند الطفل، وتشكّل لديه حالة من العجز والكسل أو حالة مرَضية تضره
ثالثًا :
تؤكد النظرية على أهمية التوازن في حياة الطفل، والحرص على وصوله للحلول وتخطي المراحل بأفضل شكل وبقدرات ومهارات مثلى تساعده في المستقبل. لذا فإن الميل للافراط في مساعدة وحماية الطفل، أو إهماله وعدم الاهتمام به وباحتياجاته والسخرية منه، يرتبط بنتائج سلبية عند الطفل، وتشكّل لديه حالة من العجز والكسل أو حالة مرَضية تضره.
رابعًا :
يركز إريكسون على البيئة الاجتماعية للطفل، وعلى أهمية توفير بيئة اجتماعية جيدة له، تسودها علاقات سليمة وإيجابية. لأنه يعتبر أن علاقة المربي والمعلم والأصدقاء قنوات تصل من خلالها التوقعات المجتمعية والثقافية للطفل، وبالتالي فإن الطفل يسعى لارضاءهم ونيل محبتهم، من خلال تحقيق كل ما يطلبون ويتوقعون.
تحدد النظرية النفسية الاجتماعية القضايا والموضوعات الرئيسة، التي يحتاج الطفل أو الفرد التركيز عليها، والاهتمام بها، ويُسقط روّاد النظرية هذه القضايا على المعايير الوالدية، والتعليم، والارشاد. كما تؤكد النظرية دور الآباء الرئيسي في مساعدة الطفل على تخطي المواقف الصعبة وبناء أسس نفسية تساعده على التكيف والتطور، وهذه بعض التطبيقات العملية والتربوية التي تساهم في بناء تلك الأسس السويّة :
- تقديم الحب والعطف للطفل، وتقبل سلوكياته العفوية، والسماح له باللعب والتعلم والاستكشاف، مع الاهتمام بانفعالاته والتعامل معها بوعي.
- تشجيع الطفل على الحوار، والمناقشة، وإبداء الرأي، من خلال التفاعلات مع الأقران والكبار، وعدم السخرية والاستهزاء إذا صدر منه سلوك خاطئ لا يتناسب مع موقف ما، وعدم مقارنته السلبية بأقرانه.
- تنمية روح التعاون في الطفل والانتماء للمجموعة. وذلك من خلال تشجيعه على العمل الجماعي، وإعطاءه مسؤولية في مهام المنزل، وإعداده للمشاركة في الأمور اليومية، وتشجيعه على الاختيار والاستقلالية في ارتداء الملابس والاستحمام، واداء المهام البسيطة، وحل الواجبات المدرسية.
Share On: